الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد،،،
لقد شّرف الله بعض الأماكن على بعض، ومّيزها على غيرها، وجعل لها فضيلة تفوق فضيلة بعض الأماكن الأخرى؛ فأفضلها على الإطلاق مكة ثم المدينة، ثم ما جاءت النصوص ببيان فضلها، ومن هذه الأماكن التي جاءت النصوص بفضلها “الشام”؛ فقد جعلها الله مباركة، قال تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِير} [الإسراء:1]. فالشام مقر الأنبياء ومقامهم، وموطن هجرتهم بدءًا من إبراهيم عليه السلام، قال تعالى: {وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِين} [الأنبياء:71] وقال: {وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِين} [الأنبياء:81] إضافة إلى أن فيها قبلتهم التي حولت إلى الكعبة، شرفها الله تعالى، ودلت الأدلة الكثيرة على فضل الشام؛ فمن السنة قوله صلى الله عليه وسلم: (لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم ولا من خذلهم حتى تقوم الساعة) أخرجه أحمد، جاء في الرواية (وهم بالشام) وفي أخرى (وهم بأكناف بيت المقدس).
وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( طُوبَى لِلشَّامِ . فَقُلْنَا : لِأَيٍّ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : لِأَنَّ مَلَائِكَةَ الرَّحْمَنِ بَاسِطَةٌ أَجْنِحَتَهَا عَلَيْهَا ) رواه الترمذي وصححه الألباني.
وأخبر عليه الصلاة والسلام أن في الشام أرض الحشر والمنشر.
ومن فضائلها: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا فسد أهل الشام فلا خير فيكم، لا تزال طائفة من أمتي منصورين لا يضرهم من خذلهم حتى تقوم الساعة) رواه أحمد، صححه الألباني.
وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الشام موطن يتقى فيه من الفتن.
قال صلى الله عليه وسلم: (إني رأيت كأن عمود الكتاب أنُتزعَ من تحت فأتبعته بصري فنظرت فإذا هو نور ساطع عمد به إلى الشام، ألا إن الإيمان إذا وقعت الفتن بالشام) [الألباني، صحيح]، وهذه والله فضيلة لا تساويها فضيلة.
ومن فضائل أهل الشام قتالهم -مع المسيح ابن مريم- المسيح الدجال، والشام أرض الملحمة مع اليهود، وقد أثبت التاريخ أن الشام هي موطن العزة والانتصار لدين الله تعالى على مدى العصور؛ ففيها أهلك الله التتار وأباد خضراء الحملات الصليبية.
لقد عانى أهل الشام من القتل والتنكيل في صورة تعكس مدى الوحشية التي تغذيها النعرات الطائفية العفنة، لكن أمر الله نافذ وسنته التي فضل الله فيها تلك البلاد أبت أن تدخل تحت جلبات الصفوية المجوسية، فالحمد لله على فضله وإحسانه. والحمد لله رب العالمين