هناك صور من الضلال العقدي يقع فيها كثير من الناس، ومن ضمن هذه الصور التي تعد من الشرك الأكبر يبينها لنا د ..محمد ضاوي العصيمي فيقول: ان من صور الانحراف العقدي الظاهرة والشرك الأكبر، الذبح لغير الله تعالى، فترى هذه المشاهد وتلك القبور قد خصصت عندها الساحات الكبيرة لاستقبال الآلاف من الذبائح التي تذبح للولي ليجلب لهم نفعا ويدفع عنهم ضرا، وتعاموا عن قوله تعالى: (فصل لربك وانحر)، وعن قوله تعالى: (قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين – الأنعام: 162)، فتبدل الحال عندهم فصارت صلاتهم للبدوي ونسكهم للحسين ومحياهم لزينب ومماتهم للرفاعي…. نعوذ بالله من الخذلان.
ومن صور الشرك الاكبر الظاهرة النذر للأموات، قال الصنعاني: النذر بالمال على الميت والنحر عند القبر والتوسل بالميت وطلب الحاجات هو بعينه ما تفعله الجاهلية، وإنما كانوا يفعلونه لما يسمونه وثنا أو صنما، وهولاء القبوريون يسمونه مشهدا وقبرا، والأسماء لا أثر لها ولا تغير المعاني، فإن من شرب الخمر وسماها ماء ما شرب إلا خمرا ولعله يزيد عقابه للكذب في التسمية. قال رحمه الله: وقد أخبرني بعض من يتولى قبض ما ينذر القبوريون لبعض أهل القبور أنه جاء اليهم إنسان بدارهم وقال هذه لفلان (الميت) وهو نصف مهر ابنتي لأنني زوجها ونذرت نصف مهرها له، وربما أعطوا ونذروا للميت النصف أو الربع من زراعتهم وأنعامهم وهم أنفسهم يمنعون ما أوجب الله عليهم من الزكاة الواجبة! يصدق فيهم قوله تعالى (ويجعلون لما لا يعلمون نصيبا مما رزقناهم تالله لتسألن عما كنتم تفترون- النحل: 56).
كثيرا ما يلبس هؤلاء الجهلة على الناس بصحة ما يفعلون مستدلين بأن قبر النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد مما يدل على أن الأمر جائز.
وهذه شبهة ضعيفة وحجة سقيمة، فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يدفن في المسجد كما ظن هؤلاء، وإنما دفن في حجرة عائشة لما هو معروف من خصائص الأنبياء أنهم يدفنون حيث يموتون، ثم ان المسجد كان موجودا في حياته صلى الله عليه وسلم، وكان هناك جدار يفصل حجرة عائشة عن المسجد، ولما وسع المسجد بعد ذلك في عهد الوليد بن عبدالملك أدخلوا حجرة أمهات المؤمنين الملاصقة للمسجد الى المسجد كما هي حجرة عائشة.
فأين هذا ممن يبني المساجد أصلا على قبر؟ أو يأتي بميت قد مات بعد بناء المسجد فيتعمد إدخاله ودفنه فيه؟ لينال بركة الصلاة قريبا من القبر وليسأل صاحب القبر. واجب الجميع الحرص على حماية جناب التوحيد، وعدم الجرأة على الله تعالى، وإعطاء المخلوقين ما يليق بهم.
ويجب علينا جميعا الحرص على تعلم التوحيد، والحذر من الشرك ومعرفة طرقه ليحذر المرء منه، وعلينا أن نتمسك بهذه المناهج التي هي من وضع إخوة ممن نحسبهم أنهم أرادوا تعليم الناس أهم ما يجب عليهم من أمر دينهم، ونحن نخشى بعد طول زمن عند حذف هذه الفقرات من المناهج التي تنص على حرمة الغلو في الصالحين والتعلق بالميتين وتقديس المقبورين، نخشى أن يأتي على الناس زمان لا يفرقون بين توحيد وشرك، وبدعة وسنة، وقد يرى الناس حينئذ الذهاب الى المشاهد قربة، وزيارة العتبات والأضرحة حجا وعمرة، ولأن التوحيد اذا خليت منه القلوب، ونسي الناس التعلق بعلام الغيوب لم يعودوا يذكرون منكرا.
كتبه
د. محمد ضاوي العصيمي